ان الذي ينام كثيرا تقل رقة قلبه
والذي يأكل كثيرا يصعب عليه قيام الليل لمناجاة ربه
والذي يجالس الظالمين سوف لا يستقيم في دينه
والذي يتعود الغيبة والكذب لا يخرج من دنياه مؤمنا بالله ربه
والذي يقضي جميع وقته مع الناس سوف تقل عبادته لله والخلوة للتفكير في أمره
والذي يسعى لرضى الناس يبتعد عن رضى الله وحكمه
فان عملت بهذه النصائح اكتسبت نعيم الآخرة. اللهم آميـن
كيف يتعامل المسلم مع غير المسلم.؟؟
أعزائي وأصحابي، السلام عليكم..
بداية أحب أن أعبر عن سعادتي عند كتابتي هذا الموضوع ولقائي معكم من خلال موقعي .. وأود أن أُعرِّفكم بنفسي.. أنا شاب لم أتجاوز الثلاثين من عمري، وقد تعمدت ذكر سني لأقول لكم إن عمري قريب من كثير ممن يقومون بقراءة مقالي الآن فأنا شاب أعيش وسط الشباب، واحدا منهم، أعرف طموحاتهم وهمومهم، ما يسعدهم وما يقلقهم، والصعاب المحيطة بهم، وإيجابيات وسلبيات هذه المرحلة والمشاكل الكثيرة التي قد يمر بها كثير منا، فهذا المقال من أخ محب قريب من حياتكم.
هذه الكلمة موجهة إلى أصحابنا وإخواننا وأخواتنا المسلمين والمسلمات لكي يعرفوا كيف يتعاملوا في بلادنا الإسلامية مع غير المسلمين وأيضاً موجهة إلى غير المسلمين لكي يعرفوا كيف شرع الله في الدين الإسلامي طرق التعامل مع غير المسلمين حتى إن واجههم شيء غير ذلك عرفوا أنه ليس من الإسلام في شيء، ويدركوا أيضا أن هذا السلوك يعبر عن تعامل شخص غير مدرك أو فاهم لدينه لأن هناك من الناس من يكون حاملا لدين أو شعار معين وهو لا يعرف أي تفاصيل عن هذا الدين.
العبودية علاقة بالله، والناس!!
وسنتحدث هنا عن الاعتدال في معاملة غير المسلمين ونفرق أولا بين غير المسلم المقاتل وغير المسلم المسالم الذي يسمى "المعاهد الذمي" الذي يعيش في بلادنا ولنحكِ من البداية.. لقد خلقنا الله عز وجل في هذه الدنيا كي نكون عبيدا له.. أنت في هذه الدنيا عبد وكلمة عبد تنقسم إلى شيئين؛ علاقتك بربنا سبحانه وتعالى وعلاقتك بالناس.. عبادتنا لربنا مرتبطة بالقرآن والصيام والصلاة والزكاة الحج والذكر وهناك أيضا الأخلاق والمعاملات والصدق والأمانة والإحسان إلى الجار وبر الوالدين وألا يكون غشاشا وأن يكون مجتهدا في وعمله أن يحب الخير للناس.
وإن كانت العبادة هي أساس الدين فيصلي المرء ويذكر ربنا ويقرأ القرآن فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه: "أتدرون من المفلس؟ قالوا المفلس الذي لا درهم له ولا متاع -أي ليس معه نقود- قال لا ولكن المفلس من أتى بصلاة وصيام وصدقة وحج، ولكن قد أتى وقد شتم هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته حتى إذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم ثم طرحت عليه ثم طرح في النار".
يعني المفلس هو الذي يأتي إلى ربنا بالعبادة فقط لكن أخلاقه وتعاملاته سيئة مع الناس وكذلك الحال في الناحية الثانية فالشخص الذي عنده أخلاق طيبة وصادق لكنه لا يصلي مثلا فإن عمله ناقص أيضا لأنه كما جاء في الحديث الشريف: "أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإن صلحت صلح سائر العمل وإن فسدت فسد سائر العمل"..
لكن الشخصية المثالية التي نحاول أن نصل إليها جميعاً هو الإنسان العابد لله الخلوق مع الناس وهذا هو ما يحبه الله ونحن لا نعرف أن نعبد الله دون أن نكون في مجتمع سعيد وهذا لا يتحقق إلا حين نحب بعضنا بعضا وهذا الكلام ينطبق على المسلم وغير المسلم.
ومن جهة التعامل -وأنا الآن أتكلم عن المسلم غير المحارب- لأن أغلب بلادنا الإسلامية يعيش فيها معنا غير مسلمين ولكنهم مسالمون ويأكلون من خيرها وينتجون لبلادنا ونحن أيضاً نأكل من عملهم فنحن لا بد أن نعرف ماذا قال الله لنا في هذا الأمر.
الإسلام لم يترك المعاملة مع غير المسلم
والإسلام -الحمد لله- لم يترك هذا الموضوع لا نظرياً ولا عملياً فهناك نظريا آيات وأحاديث تحض على ذلك وعملياً النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعيش مع اليهود في المدينة لذلك قال تعالى عن غير المسلمين غير المحاربين: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" أي أن ربنا لم ينهَنا عن أن نبر والبر هو الخير والقسط هو العدل.. لم ينهَنا ربنا عن البر والقسط مع غير المسلمين الذين لا يحاربوننا.. "إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم".
ويروى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما ورد في سنن الترمذي وسنن أبي داود- أنه كان يوزع أضحية العيد فقال للسيدة "عائشة" بأن تبدأ بالجار اليهودي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم عنده جار يهودي يؤذيه في يوم من الأيام وكان هذا الجار دوما يرمي أمام بيت النبي القاذورات والشوك وفي يوم من الأيام خرج النبي ولم يجد هذه الأشياء فسأل عن الرجل فعرف أنه مريض فذهب لزيارته.
وذات يوم مرت جنازة أمام الرسول فوقف النبي -صلى الله عليه وسلم- لها فقالوا له "يا رسول الله إنه يهودي" فقال "أوليست نفساً ".. رواه البخاري..
أرأيت كيف يتعامل النبي مع غير المسلمين؟ يرسل إلينا رسائل تقول إن ديننا دين سلام ودين محبة وإن بابنا وقلوبنا مفتوحة لأي أحد، لأنك لو قلت: "أنا هاعامل المسلمين فقط معاملة كويسة"، فكيف يمكن لغير المسلمين أن يعرفوا شيئا عن ديننا؟ لن يعرفوا شيئا عن الإسلام إلا عن طريق معاملتنا لهم ورؤيتهم لأخلاقنا في التعامل مع بعضنا البعض من ناحية ومعهم من ناحية أخرى.. انظر إلى "ربعي بن عامر" وهو واحد من التابعين تربى على يد الصحابة وعندما ذهب لـ"رستم" -الذي كان قائدا للفرس- قال له ذلك القائد : "من أنتم؟ وما الذي جاء بكم؟" فقال: "نحن قوم ابتعثنا الله لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة".. نحن بعثنا الله لكي نحبب الناس في ربنا والآخرة..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته